
فن الزليج: تقليد ومهارة مغربية
فن الزليج: تقليد ومهارة مغربية
06 محرم 1447
الزليج، هذه الفسيفساء المغربية ذات الألوان المتلألئة، تمثل واحدة من أثمن الكنوز في الحرف الوطنية. وُلد قبل أكثر من ألف عام في ورشات فاس، ولا يزال هذا الفن العريق يدهش بجماله وبتعقيد صناعته.
تقليد عريق
تبدأ قصة الزليج في القرن العاشر، عندما طور الحرفيون المغاربة هذه التقنية الفريدة من البلاط المزجج. كلمة "زليج" تأتي من العربية "الزليجة"، وتعني "الحجر المصقول الصغير"، وهي تسمية تكشف عن كل دقة هذا الحرف. لا تزال أجمل أمثلة الزليج القديم تزين اليوم المعالم التاريخية في فاس، خاصة مسجد القرويين والمدارس في المدينة الإمبراطورية. تشهد هذه الروائع على إتقان تقني تم نقله من جيل إلى جيل دون أن يفقد من روعته.
مهارة الحرفيين
تتبع صناعة الزليج عملية حرفية ذات تعقيد نادر. يبدأ كل شيء باستخراج طين خاص في منطقة سلا، بخصائص فريدة تمنح الزليج مقاومته وجماله المميز. يتم أولاً عجن هذا الطين وتشكيله في ألواح، ثم يُخبز لأول مرة في أفران تقليدية بدرجة حرارة 900 درجة. تحول هذه المرحلة الطين إلى "فخار"، وهو بسكويت من الطين المحروق جاهز للتشكيل. تأتي بعد ذلك المرحلة الأكثر إثارة: التقطيع اليدوي. يستخدم الحرفيون أداة تقليدية تسمى "منقاش" لقطع كل قطعة بدقة ميليمترية. على الرغم من التصنيع اليدوي بالكامل، تلتزم كل قطعة تمامًا بالأبعاد المطلوبة.
ألوان الزليج
يمثل التزجيج المرحلة التي تعطي الزليج ألوانه المميزة. تُغمر القطع في طلاء زجاجي شفاف ثم تُخبز مرة ثانية بدرجة حرارة 950 درجة. يمنح هذا الخبز المزدوج الزليج لمعانه الفريد ومقاومته الرائعة للعوامل الجوية. تشمل اللوحة التقليدية اللون الأبيض الفاسي، الأخضر الطبيعي، الأزرق الكوبالت، الأصفر الزعفراني والبني الأرضي. لكل لون تاريخه ورمزيته الخاصة في الفن الزخرفي المغربي.
فن التجميع
يكشف تجميع القطع عن البعد الفني للزليج. يحول المتخصصون في التركيب، المعروفون باسم "فراش"، هذه الآلاف من القطع الصغيرة الملونة إلى تركيبات هندسية ذات تعقيد مذهل. تتبع الأنماط التقليدية قواعد الفن الإسلامي، مما يخلق أنماطًا هندسية لا نهائية تستحضر التناغم الإلهي. تحمل هذه الرسومات أسماء مثيرة مثل "تقسيم"، "سبكة" أو "خاتم"، كل منها يحمل رمزيته الخاصة.
تدريب الحرفيين
يتبع تعلم الزليج تقليدًا قديمًا. يبدأ الحرفيون المستقبليون في سن مبكرة جدًا، غالبًا في الثانية عشرة أو الثالثة عشرة، ويتقدمون وفقًا لهرمية صارمة. يستغرق الأمر سبع سنوات على الأقل لإتقان أساسيات المهنة. يبدأ المتدرب بالمهام الأبسط: فرز القطع، إعداد المواد، مراقبة حركات الأساتذة. تدريجيًا، يتعلم التقطيع، ثم التجميع، حتى يتمكن في النهاية من الوصول إلى مرتبة "معلم"، وهو حرفي قادر على الإشراف على العملية بأكملها.
بين التقليد والحداثة
اليوم، يشهد فن الزليج اهتمامًا متزايدًا. إذا كانت القصور والرياضات التقليدية في المغرب لا تزال تستعين بالحرفيين لترميماتها وزخارفها، فإن الطلب الدولي لا يتوقف عن النمو. يقدر المهندسون المعماريون والمصممون من جميع أنحاء العالم أصالة وجمال الزليج الفريد. تدمج المشاريع المرموقة الآن هذه الفسيفساء المغربية، مما يساهم في إبراز المهارة الوطنية على الساحة الدولية.
التحديات الحالية
على الرغم من هذا النجاح، يثير مستقبل الزليج بعض المخاوف. المهنة، التي تتطلب جهدًا بدنيًا وتدريبًا طويلًا، تجد صعوبة أحيانًا في جذب الأجيال الشابة التي تتجه نحو قطاعات أكثر جاذبية اقتصاديًا. للرد على هذه التحديات، تظهر مبادرات متنوعة. تعمل برامج التدريب المهني على تحديث التعلم مع الحفاظ على التقنيات التقليدية. كما تطور التعاونيات الحرفية نماذج اقتصادية جديدة أكثر استدامة.
تراث يجب الحفاظ عليه
يمثل الزليج أكثر من مجرد فن زخرفي. إنه يجسد الروح الإبداعية للمغرب، هذه القدرة الفريدة على تحويل المادة الخام إلى جمال نقي. تحمل كل قطعة في داخلها قرونًا من المهارة والشغف الفني. في عالم يزداد تصنيعه، يذكرنا الزليج بقيمة العمل الحرفي، الصبر والدقة. يشهد على حقبة كان فيها الحرفي أيضًا فنانًا، حيث كان لكل حركة معنى وجمال.
مستقبل الزليج
يوفر الاعتراف الدولي المتزايد بالزليج آفاقًا جديدة للحرفيين المغاربة. يساهم هذا التقدير في إعادة إحياء مكانة المهنة وتوعية الأجيال الجديدة بأهمية الحفاظ على هذا التراث الاستثنائي. يواصل فن الزليج رحلته عبر القرون، محمولًا بأيدي خبيرة تواصل تقليدًا عريقًا. طالما هناك معلمون لنقل معرفتهم ومتدربون لتلقيها، ستستمر هذه الفسيفساء المغربية في إضاءة جدران العالم بألوانها الأبدية.
L'équipe de Real-dreamhouse
Notre équipe dynamique et dédiée à la clé de votre succès. Nous offrons un service professionnel sur mesure, respectant des standards élevés pour réaliser vos ambitions immobilières.

Benoit PRIVEL
Fondateur Manager
Salwa SAMSAK
Manager Événementiel
Sophie BELLAVOINE
Manager Consultant
Tawfik BOUAMANE
Consultant Manager Rabatاتصل بنا لتقييم مجاني لعقارك!
احصل على تقييم مجاني وموثوق لعقارك في مراكش، ينجزه خبراؤنا المحليون.
